لم يعد ذلك الدفتر الأخضر الذي احتوى حرفي الرضيع، لم يعد سوى مدينة تضج بحكايات الصغار وأحلام المرهفين، .. و بقايا من حزن عميق على جدي الراحل قبل عشرة أعوام وبضع فصول! .. وبعض أسى يضخ كلما عجت المتغيرات في صدر الحياة..
وكأن بيده الآن تمسك بلفافة صمت وهو يحدثنا " وين .. اجلسوا شوي " و آه عليك..سأجلس ،سأفترش مقعد الحيرة الدافئ بي منذ رحيلك،سأرضع صوتك الهادئ الذي لم تفطمه السنين بعد وسأستوطن عزلتك التي بنيت سورها، وألف عزة نفسك كسوار على روحي التي تأبى الانفصال عنك، سأبكي الدنيا كما بكيتها ولكن بصوتٍ يلتقطه المارة، ويبكي لأجله الجيران،إيه يا جدي أتذكرهم! سأخبرك عنهم هم ذاتهم لم يتغيروا ..رمموا المنزل ولم يتغيروا أصبحوا عائلتين ولم يتغيروا، غيرأن نصفهم رحل !.. أرأيت! كل الأحداث تشبه بعضها.. وتسكبُ في الوريد قطران ألم، الحائط أمامي تتكاتف زواياه، وتبرز حتى أخالها تقترب من أذني، تحدثني عن شيء يشبه النسيان أو عتق الحزن! .. أو الهروب من عمق الذاكرة إلى حدودها، وأنا التي لا تجيد الفرار،أنا هي ذاتها التي تفضل أن تموت في موطنها على أن تبتلع بعيدة عنه!..أو لست ابنتك إحدى الأجيال الوارثة لك..،بل من الجيل الثالث والأقرب فالأقرب هكذا يقولون، ..لا تقلق أحاول أن أسري عن نفسي بعض هم أحاول أن أضحك على استجداءاتهم المتوالية، يريدونني أن أترك مدينتي وأمضي حيث هم ماضون أو لا يعلمون أني نبض تلك الشوارع، وصفير تلك الرياح، وصدى هذا الفراغ الذي امتلأ بي، فامتصصته..،
دمعة،‘ مؤلم هو الشعور بأنك تخطو بثقل نحو الانتظار..
..............
مؤمنة بالله وبأن الموت حق وبأن الحياة لقاء وافتراق ولكنه بعض ألم زارني فبثثت..